إن أخبار العلماء العاملين، والنبهاء الصالحين من خير الوسائل التي تغرس الفضائل في النفوس، وتدفعها التي تحمُّل الشدائد والمكاره في سبيل الغايات النبيلة والمقاصد الجليلة، وتبعثها إلى التأسي بذوي التضحيات والعزمات؛ لتسمو إلى أعلى الدرجات، فهذه نبذة يسيرة ندرك منها كيف كان عيش الكثيرين منهم؛ يتدثرون الفقر، ويلتحفون الطَّوَى، ويأكلون الخشن والقليل عدمًا وفاقة، مع إظهار التجمل والغنى، ويمتطون المصاعب والشدائد، ويصبرون حتى يكاد الصبر يتململ من مصابرتهم له، فشهدنا أئمة العلم وطلابه وما أصابهم من عقبات، ونوائب، ومشاق ناصبة متعانقة، وصبر على أهوال الأسفار، وملاقاة الخطوب والأخطار، والتيه في البيد والغرق في البحار، وصبر على ترك المتع المباحة الحلال، وشهدنا بطولات وعزائم نافذات فإن الصبر على الحق، والتضحية في سبيله هما مفتاح العون الإلهي والإمداد السماوي للعالم الصالح