بمحض الصدفة، أو قبولا بالكذبة التي تسرّع اللسان بنطقها، صار الشاب عمر، العراقي، يقول للأمريكيين أنه من بورتوريكو. أدرك منذ وصوله إلى بلادهم أن عليه ألا يُفصح عن المكان الذي قدِم منه، وقد ازداد ذلك إلحاحا بعد أن أُسقط البرجان وتحوّل كل مشتبه في انتسابه إلى الفاعلين متّهما. بدأ ذلك بمحض المصادفة إذن، في ظنه أن البورتوركيين يشبهون العرب في الشكل. لكن مع تعرّضه للسؤال المتكرّر: من أنت، ومن أي بلاد، صار عليه أن يعرف أكثر عن وطنه البديل المزعوم: موقعه الجغرافي، مساحته، تاريخه وحاضره، لغته وعدد سكانه، إلخ. ففيما هو يعمل ما وسعه ليكون أمريكيا عليه أن يخترع، في الوقت نفسه، المكان المناسب الذي أتى منه. فقط لعراقي آخر، صديقه عقيل مثلا، يمكنه أن يقول أنا عراقي. أما مع النساء الثلاث اللواتي أقام علاقات معهنّ، واحدة إثر واحدة، فكان يكرّر ترداد إجاباته البورتوريكية. فقط حين قطع شوطا كافيا نحوأمريكيته، مبتعدا بالقدر ذاته عن عراقيته، أمكن له أن يفصح للمرأة الأخيرة أنه قدم من العراق.