أحمد الديب يلتقط المدهش من العلم، ويسرده بجمالية أداء الأدب والفن، فينجز نصوصًا تأمُّلية، جذابة وداعية إلى التفكُّر والتدبُّر العميقين. ويا له من إنجاز!"". د. محمد المخزنجي في صفحات هذا الكتاب المصوَّر سوف نقابل أسماكًا تستطيع التعرُّف على أنفسها، وفئرانًا تتحاور بالغناء، وحيتانًا تتلاعب بفرائسها، وخنافس تلعب بالضوء وتستخدمه سلاحًا للبقاء، وثعابين تتفنن في طبخ السموم، وعناكب تتقن التمثيل، وضفادع تبني قلاعًا، وتنانين حقيقية مُسلحة بالدروع الثقيلة، ودبابير جديرة ببطولة أفلام الرعب، وبومًا يروِّع فرائسه في ضوء القمر، وأُسودًا تنجح في تهديد الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وكائناتٍ مجهولة تسكن ظلام الأعماق، وأساطير مخلوقات عتيقة هيمنت على الأرض لملايين السنين قبل أن تنقرض، وحكايات عن مخلوقات جديدة قد تهدد العالَم كله بالانقراض، وعجائب أخرى لا حدود لها من أكوان الحيوان. لم يخِب أمل «لويس ليكي»، فسرعان ما أرسلَت إليه «چين جودول» بملاحظة عجيبة لم يسجِّلها -وربما لم يتخيلها حتى- أيُّ عالِم من قبل. فلقد كان شمبانزي عجوز ذو لحية خَطَّها الشيبُ -ولهذا أطلقَت عليه «جودول» اسم «ديڤيد جرايبيرد»- يجرِّد غصنًا رفيعًا من أوراقه ثم يبلِّله بلعابه قبل أن يدفع ""سنَّارته"" اللزجة تلك إلى فتحات الثقوب الظاهرة في جحور النمل الأبيض، ليستخرج من أعماقها صيدَه الثمين من الحشرات الغنية بالبروتين! وبعد أيام فقط كانت العشيرة كلها تحذو حذو العجوز ذي اللحية الرمادية، الصياد وصانع الأدوات والمعلِّم! وفي نوڤمبر 1960 عادت إلى «جودول» برقيةٌ بردِّ «ليكي»: ""الآن يجب أن نعيد تعريف الأداة. أو نعيد تعريف الإنسان. أو نقبل الشمبانزي من البشر